السبت، 19 نوفمبر 2016

إلعب وكن مبدعاً !


هذا مقترح لتوجيه الناشئة والشباب نحو سلوك إيجابي في استخدام ألعاب الفيديو التي أصبحت عادةً يومية لأجيال الأمس، واليوم، وربما لما نستقبل من أيام، وهو مقال ضمن كتابي "الوعي بالأفكار : ماذا بعد تويتر وفيسبوك؟!" الذي نشرته العبيكان عام 2013، وهو أن نقول للواحد منهم : إلعب وكن مبدعاً ! وكن ذكياً، وكن رابحاً، وكن سليماً، وكن أنتَ، وكن ذاتك، وكن ماترضاه لنفسك مستقبلاً ! وبين يديك أصناف المستخدمين لهذه الألعاب - من وجهة نظر منطقية - حاول أن تحلل واقعك وطريقتك في اللعب، وجرب أن تطبق هذا على من تعرف ممن يشاركك في هذه الألعاب، لعلك تنتقل من حالٍ لحالٍ أفضل منه :

الأول : المستخدم الساذج (البسيط أو السطحي) :
وهو من يلعب ويلعب ويلعب ...إلى ما لانهاية ! فقط يلعب لأجل اللعب ، ويتعب لأجل اللعب ، و كلما ظهرت لعبة جديدة كان أحد محبيها، والمعجبين بها، والمسوقين لها، والجديد في حياته أنه لاعب جديد ! ولا فرق عنده في كركترات الألعاب بين شخصية مكي ماوس وسلاحف النينجا والنعجة دولي والخنزير الوردي والجمل العربي فكله جميل وممتع ومحبوب ويقطع الوقت !! و لا فرق عنده بين لعبة قنص الأطباق أو الخنازير أو الآدميين ! ولا يعنيه أن يكون المشروب المقدم في اللعبة ماءً أو خمراً أو مشروب طاقة أو دماً بشرياً ! ولا يكترث أن تكون اللعبة قد ملئت بالصلبان أو الشمعدانات أو الأهلة ! المهم أن نلعب ونقضي الوقت!
ونسبة هؤلاء المستخدمين ليست قليلةكما نظن!
و الأطفال في الغالب من هذا الصنف ولذا لابد من حضور المربي، ولابد للموضوع من إدراة ؛ إذ أن الأطفال بحاجة للحضور والقرب وألا نكتفي بعبارة "لا يشاهده من هم دون الثامنة عشر من العمر ".
ومن علامات هذا النمط من المستخدمين : الإفراط في اللعب و اللهث وراء الجديد من هذه الألعاب و هدر الأوقات والأموال وربما العزلة الاجتماعية و تقمص الهوية والممارسات الموجودة في هذه الألعاب .. وغيرها.

الثاني : المستخدم التحليلي :
و هو من يمتلك مهارة التحليل ، يلعب كغيره لكن يفرق بين لعبة وأخرى شبيهة بها تفريقاً دقيقاً ، ويعرف مميزات اللعبة التي يحبها ؟ وما التقنية المستخدمة ؟ وما الجديد ؟ ولماذا ؟وكيف ؟ وماذا لو ؟ و يفكر ! ويسأل ما هو تاريخ اللعبة ؟ ومن يصنعها ؟ ويبحث عن تاريخ  الألعاب الإلكترونية عموماً وكيف تطورت وما التنافسية الموجودة في السوق ؟ وما الأفكار المرتبطة بهذه الألعاب ؟
وهذا النمط نتوقع أنه موجود في المجتمع بنسبة معقولة، ومن علامات هذا النمط من المستخدمين : السؤال ؟ ومتابعة الأطروحات في المنتديات المتخصصة، ومحبة التعرف على ما وراء الكواليس، والمفاضلة الدقيقة بين الألعاب عند السؤال أو الشراء ..

الثالث : المستخدم الناقد :
وهو من يمتلك مهارة التحليل والقدرة على النقد المنطقي ، فيضيف على التحليل السابق القدرة على النقد : فينتقد هذه اللعبة في تصميمها ، وهذه في ألوانها وتلك في رسوماتها، وأخرى في فكرتها، وربما ينتقد الإفراط في هدر الأوقات والأموال ، والشباب من هذا النوع قد ينتقد بعض ممارسات المستثمرين من الشركات الكبرى على مستوى العالم، وينتقد ممارسات المستخدمين من الشباب والأطفال، وربما نقد الأفكار والأيديولوجيات التي بنيت عليها بعض هذه الألعاب، وما الجوانب الإيجابية وما الجوانب السلبية ؟ وما الذي يقبل وما الذي لا يقبل ؟
وهذا النمط موجود في المجتمع بنسبة قليلة في اعتقادنا، ومن علامات هذا النمط من المستخدمين : كل مظاهر نمط الشاب التحليلي، إضافة إلى الجرأة و النقد والاعتداد ربما بالرأي وربما قد يوصله ذلك للعزوف عن بيئات هذه الألعاب بل قد يلجأ لمقاطعتها بشكل سلبي أو إيجابي بحسب تكيفه النفسي .


الرابع : المستخدم  المبدع أو المبتكر أو الطموح :
و هو شاب تحليلي ناقد ويضيف لماسبق مهارة التفكير الإبداعي أو التفكير بالنمط غير السائد أو النظرة بزاوية 180 درجة أو ربما 360 درجة ، وهو من يحاول إدراك الواقع، ويعيشه بتفاصيله لكن لا يرضى به أبداً !! بل يطمح لما هو أفضل، ولما هو إيجابي ، ويحاول ألا يقع في وحل السلبية، وإلفها، والتعود عليها، ويكفيه أن يعرف عالم الألعاب بتاريخه ومظاهره بشكل عام، وما وراء الكواليس ، لكنه يفكر باستمرار كيف نصنع؟ كيف ننافس؟ كيف نفيد من هذا لحياتنا وثقافتنا، وأجيالنا القادمة ؟؟ ويدرك في الباطن أن هذه الألعاب هي أدوات ومظاهر، وربما قوالب لحضارات أخرى فلا يستغرب من تحيزها ومن طغيان هويتها على المستخدم الساذج أو الجمهور البسيط - لا في عدده بل في تفكيره ودوره - وينهض ربما لزمام المبادرة  لاسيما إن كان قيادياً، ويستثمر ما وصل إليه الآخر من تقنيات لابتكار المنافس، بل ربما الجديد والمفيد والمبتكر من عمق ثقافتنا وحضارتنا والمعبر عن الذات هذه المرة.
وهذا النمط موجود لكن نظن أنه نادر وللأسف..
نحن لسنا ضد البلاي ستيشن فهو جهاز كغيره ، لكن نحن لسنا مع السطحية والسذاجة، والسلبية، في زمن تنافس الحضارات من حولنا في كل العوالم التي نعيشها!
وكذلك هي المنتجات والتطبيقات والأدوات التي يصدرها الآخر لنا، لنهجر الموقف الحدي البسيط منها وأقصد به : مع أو ضد! ولننتقل  إلى المواقف المرنة المركبة والنسبية المراعية لاعتبارات وأعراف وإيقاعات العصر، وهذا الموقف هو نتيجة : نظرة تحليلية عقلية يستخدمها المفكرون في قضايا ونوازل عصرهم، ونتيجةً أيضاً : لنظرة سريعة لتاريخ تلك المواقف البسيطة والحدية والتي تنقلب بقدرة قادر وبلا منهجية من مع إلى ضد، ومن ضد إلى مع!!  والضحية الجمهور الذين ينتظرون الأحكام، ويتبنون التقليد، وينفرون من التجديد والتفكير ويفوضون غيرهم في اتخاذ الموقف والقرار، لا لشيء، إلا لأنه الأسهل والسائد فليس بالإمكان أفضل مما كان .
وقد وقف الكثير منا موقفاً بسيطاً أحادياً ضد الفيس بوك أو تويتر أو غيرهما، والبعض لا زال على موقفه، والبعض انقلب للطرف الآخر، وأمثلهم طريقة من اقتنع أخيراً بالموقف النسبي المركب.
ولكن ما أرمي إليه هو موقف ثالث! لا الموقف البسيط ولا المركب بل أن ننتقل لمستوى آخر، لابد أن يفكر فيه ويتبناه فئامٌ من أصحاب الموقفين ويتفقوا عليه، ألا وهو الموقف الاستباقي في مقابل المترقب ، والمبادر في مقابل الممانع ، والمهاجم في مقابل المدافع، وهذا موقف جماعي متحتم على العقل والضمير الجمعي بغض النظر عن قناعات الأفراد بأي من الموقفين السابقين تجاه هذه القضايا.

ولن يقتنع، أو يمارس هذا الدور الاستباقي، إلا من كان يفرح أو يحفز على تقشير الموز بطريقة جديدة، أو كان يلعب البلاي ستيشن بطريقة اللاعب الطموح والمبدع!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق